Tuesday , 19 March - 2024

سودان تربيون

أخبار السودان وتقارير حصرية لحظة بلحظة

هذا الاسحاق..عدو نفسه.. والانسانية..!!.

خالد ابواحمد

14 سبتمبر 2011 — لأكثر من 5 سنوات أفكر في الكتابة عن اسحق احمد فضل الله لأسباب كثيرة لكن مشاغل العمل كانت تحول دون هذه الرغبة، ودائماً تأتي الأحداث وتلح عليّ في تناول هذا الاسحاق الذي أصبح يمثل حالة أو ظاهرة تستحق الوقوف عندها بعد تأمل وتسليط الضوء عليها حتى يعرف الجميع الدور الذي يقوم به هذا الاسحاق في صناعة الموت بالسودان، وقد أصبحت كتاباته مصدراً رئيسياً لزرع الكراهية والبغضاء في نفوس أبناء الوطن وقد لعب هذا الـ…..دوراً كبيراً ومشهوداً في انقسام البلاد.

لا أنكر أن المقال الجميل والرائع الذي كتبه الزميل الأستاذ محمد لطيف بعنوان (هذا الاسحاق..!!) يوم التاسع من سبتمبر الجاري قد شجعني على الكتابة خاصة وأن المقال قد رسم الصورة الحقيقية لهذا الاسحاق حتى الاستغراب في الدرجة العالية والمتقنة في تصوير هذا الرجل الغريب الأطوار الذي أصبح معلماً بارزاً من معالم انهيار المثل والاخلاق السودانية التي اشتهرنا بها ردحاً من الزمان.

مقال الأستاذ لطيف يعبر عن ما أشعر به تجاه هذا (…..) بشكل فاق كل تصور ولأول مرة في حياتي تتطابق مع رؤيتي مع كاتب بهذا المستوى من فهم الشخصية، هذا برغم أنني لم أعمل مع هذا الاسحاق كثيراً من الوقت وقد التقينا في صحيفة (الأنباء) الرسمية في منتصف التسعينات، ثم في مؤسسة الفداء للانتاج الاعلامي المشهورة بانتاج برنامج (في ساحات الفداء) وقد كنت أعرف هذا الاسحاق من بعض الزملاء العاملين في حقل الدفاع الشعبي والعمليات العسكرية في الجنوب حينها، لكن أكثر الذي أعرفه عن اسحاق كان من خلال الوسط الصحفي والاعلامي (الانقاذي) الذي نعيش فيه ونمثل من خلاله الماكينة الاعلامية للحكم في البلاد.
بدايةً أشاطر زميلي الاستاذ لطيف التساؤل الكبير.. أين كان هذا الاسحاق قبل (الانقاذ) أنا نفسي لا أدري برغم تواجدنا في الحركة (الاسلامية) منذ عام 1983م لم نكن نعرف هذا الاسحاق، بل الكثير من قيادات النظام اليوم بما فيهم نافع الذي ملأ الدنيا ضجيجاً وفساداً حتى تم ضربه في عاصمة الضباب (لندن).

اسحاق أحمد فضل الله ظل مكان تساؤل لدى الكثير من الحركييّن، رجل يثير الشفقة كان دائماً يستعطف القيادات مصوراً لهم مصداقيته في خدمة (المشروع الاسلامي) حتى وصل الحال لتدخل (كبار القوم) في الاصرار عليه بتأهيل نفسه اجتماعياً.. وكانوا يتندرون به “آخيراً تزوج اسحاق”..!!.

كان اسحاق في فترة من الفترات حديث هذه المجالس بما يقوله ويكتبه كمناصر قوي وشرس للحُكم وقد أدخلته هذه الخاصية الكثير من المناطق (الرسمية) و(الحساسة) والاقتصادية منها والسياسية وأخذ يتقرب من الجميع..أصحاب الصولة والجولة فدخل ميدان التصفيات بين الخصوم والتنافس بين كبار القوم منذ وقت مبكر، هذه الأساليب لم نكن نعرفها أو بالأحرى لم نسمع عنها أبداً ونحن صحافيي الحركة (الاسلامية)، وذات مرة استخدم هذا الاسحاق قلمه في الهجوم القوي والشديد في الإساءة للدكتور أحمد علي الإمام وكان وقتها الامام يتوهج في الساحات متبختراً في وظيفة مستشار الرئيس لشؤون التأصيل، هذا الاسحاق استخدم كل فنون النيل منه وعندما سألنا عن السبب قيل لنا أن هذا (لِعب كُبار)..!!.

بمعنى أن اسحاق كان ينفذ أجندة لجهات نافذة داخل الحكومة، لذا كان شجاعاً في النيل من المستشار أحمد علي الإمام، ولولا ان هذا الفعل لعب كُبار حقيقة، ومعركة من معارك تصفية الحسابات بين (الكبار) لا يتجرأ اسحاق وغير اسحاق الخروج عن النص مهما كانت الأسباب، ومنذ تلك المعركة التي قادها هذا الاسحاق أصبح قلمه طوع (الكبار) وهو من خلال تواجده داخل الكواليس يعرف جيداً مكان الغلبة.. والفريق القوي يحسبها حسابات دقيقة، حتى أصبح قلم هذا الاسحاق لاعباً أساسياً في مواجهة أعداء النظام فكانت الأجهزة الرسمية والأمنية منها تمكنه من المعلومات التي يستخدمها في هذه الحرب القذرة.

والمُطلع على مقالات هذا الاسحاق يجد الكثير من المعلومات والرسائل التي يود النظام ايصالها للآخرين في ثنايا مقالاته، ومنها ما هو عسكري ومنها ما هو سياسي وأمني.
عندما كان د. حسن الترابي يقيم جلساته الدورية للتفسير التوحيدي للقرآن الكريم الذي نظمته هيئة الأعمال الفكرية ويحفل هذا المجلس بأصحاب الحظوة حينها كانت (المنشية) مكان الحج الأكبر في السودان بالنسبة للسياسيين صغارهم وكبارهم والذين يطمعون في تقلد المناصب، بقدرة قادر دخل اسحاق هذا المجلس العامر فكتب أكثر من مقالة مدح فيها التفسير التوحيدي وكاتبه الدكتور حسن الترابي ولازالت أحتفظ بإحدى مقالاته في مكتبتي الخاصة بعنوان (العسجد) وصف فيها ما كتبه الترابي أوصافاً شاعرية وتزلفية، وكان منتشياً لدرجة السعادة وهو يدخل على الشيخ الترابي في مجلسه ذاك.

ورأينا وقرأنا ما كتبه هذا الاسحاق بعد المفاصلة عن الترابي وعن أفكاره…!!!.
هذا الاسحاق لا يكتب ناقداً وزيراً أو مرفقاً حكومياً إلا بالطلب (….) أما باقي المقالات كلها موجهة من قبل جهاز الأمن والاستخبارات العسكرية..!!.

ودونكم أرشيف هذا الاسحاق.. وأحسب أن تاريخنا الحديث سوف لا ينسى دوره في خلخلة المجتمع السوداني وزعزعته وانقسامه المستمر وتزايد النعرات العنصرية والجهوية لصالح أجندة الحزب الحاكم..!!.

هذا الاسحاق لا يراعي في تنفيذ أجندة النظام أخلاقاً ولا تقليداً دعك من تعاليم وقيم الدين الحنيف، ونذكر جميعنا ما تعرض له الأخ ياسر عرمان من هذا الاسحاق ورفيق دربه الخال الرئاسي، هؤلاء مردوا على النفاق كما ذكر القرآن الكريم،وقد تعودوا على العيش من نتاج صناعة الموت والكراهية هذه المستمرة الآن في محور الدمازين وجبال النوبة.
هذا الاسحاق.. والتمساح والورل..!!

يمكننا القول بأن اسحاق استفاد من غياب الكثير من كتاب وإعلامي الحركة (الاسلامية) بسبب المشاغل وأجواء المسؤوليات الجديدة ما بعد الانقلاب المشؤوم، فمنهم من انخرط في العمل الأمني والعسكري أمثال محمد ابراهيم دنقل مسؤول إدارة الصحافة والاعلام بجهاز الأمن، وبلة عباس الزين في الادارة القانونية بجهاز الامن أيضاً وكليهما من الرُتب الكبير، ومنهم من دخل المجال الدبلوماسي أمثال الريح حيدوب الذي لم نره منذ آخر يوم في صحيفة (الراية) دبلوماسياً في الصين وبعدها تنقل في الكثير من بلاد العالم، وسليمان عبدالتواب الزين سفير السودان لدي ايران حالياً وكان رئيساً للإدارة العربية بوزارة الخارجية، ومحمد سيداحمد المطيب أبرز كُتاب ومحللي الحركة (الاسلامية) بجريدة (الراية) كان دبلوماسياً بجمهورية مصر وقد تعرض لنكبة هناك، وعماد سيداحمد الآن السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية، والعبيد مروح الضابط الكبير بجهاز الأمن والمخابرات، وبعد أن فقدت (الانقاذ) هذا الكم الهائل من الصحافيين والاعلاميين ظهر هذا الاسحاق وقد انطبق عليه المثل السوداني “بلداً ما فيها تمساح يقدل في الورل”..!!.
وكثيراً أسأل نفسي هل كانت ستتاح الفرصة لهذا الاسحاق في لعب هذا الدور الخبيث إذا كان صحافي واعلاميين الحركة موجودون في مواقعهم الاعلامية والصحافية..؟!..

قال الأستاذ محمد لطيف في مقاله” إسحق يصور له عقله شيئاً.. فيصدقه..ثم يكتبه ثم ينشره .. ثم يطلب من القراء أن يصدقوه … أنا مثلاً .. مطلوب مني الآن .. أن أصدق أن مالك عقار قد تحدث معي صباح الجمعة .. مطلوب منى كذلك أن أصدق أنني قلت أن تهدج صوت مالك عقار يؤكد أنه بريء ..! مطلوب منى أن أصدق كل ذلك .. لا لأنني قلت ذلك .. بل لأن إسحاق قد كتب ذلك..!، ما كتبته أنا.. وما نقله منسوباً إلى الزميل عثمان ميرغني فى صحيفته الغراء (التيار) موجود أيضا .. فما بال إسحق يخلط..؟، ولكن .. هل حقا يخلط إسحق ؟ كلا … بل هو يتعمد الخلط وتشويه الحقائق .. لحاجة فى نفس إسحق .. لا يعقوب.. فيعقوب بريء براءة الذئب من دم ابنه .. فلا حول ولا قوة إلا بالله”.

الأستاذ محمد لطيف من خلال هذا المقال يؤكد أنه استوعب شخصية هذا الاسحاق بهذه الأوصاف التي تُعبر عن الحقيقة، ولي في ذلك العديد من الشواهد..لكنني في هذا المنحي سأحكي قصة بطلها هذا المتوهم اسحاق وكنت شاهداً عليها مع عدد كبير من الناس..

في منتصف التسعينات كان اسحاق معداً لبرنامج في ساحات الفداء فصور له خياله المريض واقعاً لم يكن موجوداً البتة، ويُذكر أن الاخوة الجنوبيون الذين كانوا متواجدين في الخرطوم تلك الايام قد انتشروا في طرقات العاصمة ومداخلها وطرقاتها لبيع صناعاتهم اليدوية التي ابدعوا فيها والمصنوعة من أخشاب الأبنوس في أشكال فنية متعددة في – سفن شراعية وأفيال ومحاربين يحملون حراب-..ما إلى ذلك وكان سوق هذه الأعمال رايجاً في العاصمة، لكن اسحاق أحمد فضل الله قد صوّر له خياله المريض أن هؤلاء الباعة انما هم جيش للحركة الشعبية سينقضون على العاصمة في أي لحظة، وقد صادفت أوهام هذا الاسحاق أن الحرب في جنوب كانت مشتعلة في أكثر من 4 محاور ما بين جنوب وشرق الاستوائية وغرب النوير ومناطق بحر الغزال.

هذا الاسحاق قام بتبليغ الجهات الأمنية بأوهامه ذاكراً بأن الحزام (الأسود) الذي يلتف حول العاصمة يشكل خطورة على الأوضاع الأمنية (يقصد بالحزام الأسود المناطق العشوائية التي يعيش فيها الجنوبيين في الحاج يوسف وجنوب الخرطوم وغيرها) وزاد عليها باعداد حلقتين زرعت الخوف من الجنوبيين وتوجست بهم خيفةً، وأتذكر يبدأ المشهد الأول في الحلقة بعد الانتهاء من مقدمة البرامج بخلفيته الموسيقية العسكرية بيد تدق بعنف على الطاولة مع المؤثرات الموسيقية وتنزل على الشاشة باللون الأحمر عبارة (انتبهوا أيها السادة)..ويتكرر هذا المشهد مرات ومرات..!!.

اليد التي تضرب على الطاولة كانت هي يد هذا الاسحاق..!!.

ثم يتحدث هذا الاسحاق عن سيناريو الانقضاض على السلطة، و يشير إلى الشهداء ومسيرتهم والجهاد والمجاهدين والكتائب العسكرية..إلخ..لكن الشاهد في المسألة أن هذا الاسحاق أقام الدنيا ولم يقعدها واستنفر كل الجهات في الخرطوم الاجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية لشهور عدة ولم يحدث ما توهمه هذا الاسحاق، وقد تأكد لكل الجهات أن هؤلاء الجنوبيين ليس لهم علاقة بما ذكره هذا (….) في انتباهاته المريضة والكاذبة.
هذا الاسحاق ظل على هذا المنوال يشعل الحرائق هنا وهناك لأكثر من عقدين من الزمان.. ولا زال لذا لم تتوقف مسيرة إراقة الدماء في السودان لأن المخبولين والواهمين هم مرجعية النظام في حكم البلاد، وكنت قد ذكرت قبل سنوات في إحدى مقالاتي إن القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم كانت تستعين بمشعوذ في معرفة أماكن تواجد قوات الحركة الشعبية في المحاور المختلفة بل والخطط التي تتبعها في قيادة العمليات العسكرية، وكان هذا المشعوذ يُطلق عليه لقب (الدكتور) ذا صلة وثيقة برئيس التنظيم العسكري الذي سلم العميد آنذاك عمر حسن أحمد البشير السلطة..!!.

هذا الاسحاق من شاكله ذلك المشعوذ الذي كان يتبختر بالسيارة اللاندكروز الجديدة التي أهداها له التنظيم العسكري لـ(الانقاذ) وكان معي مجموعة من الذين كنا نعمل مع رئيس التنظيم نشكك في صلاح هذا المشعوذ وصلاحيته لأي عمل يقوم به وقد اكتشفنا بدايةً أن لقب (الدكتور) كان يطلق عليه من باب الحرفنة والفهلوة التي يمتاز بها، وما أن أصبحنا نحتك به حتى وجدنا في شنطته ذات مرة علبة كريم (ديانا) كان يستخدمها في تلميع ونضارة وجهه البائس والمؤلم والمفجع أن الوجه به شلوخ سودانية أصيلة لكن الماعون نتن وغير صالح..!!.
هذا الاسحاق ومن شاكلته..هذا المشعوذ وغيره.. هٌم من يُحيطون بالحكم احاطة السوار للمعصم، هذه هي الصورة الحقيقية للنظام الحاكم، ويكذب من يقول غير ذلك لان هناك دنياوات كثيرة داخل دهاليز الحكم لا يعرفها الكثير من الحاكمين أنفسهم، دنياوات مظلمة والمرء يشعر بالألم الشديد وهو يسرد قصص هذه الفترة الكالحة السواد، وهناك الكثير والصعب التعبير عنه بالكلمات لأن ديننا الحنيف قد أمرنا بالستر، وأعرافنا السودانية التي تربينا عليها تمنعنا كذلك من الخوض في مثل هذه العوالم الغريبة والبعيدة كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف.
كراهية العدل..!!

هذا الاسحاق يكره كلمة العدل..كراهية ليس لها حدود لأنه يعيش في براثن الظلمة والقتلة..!!!.
يوم 30 مايو العام 2000م قامت مجموعة عساكر مركز التدريب الموحد بجبل أولياء بضرب الطالب النابغة غسان أحمد الأمين هارون ضرباً مبرحاً حتى فاضت روحه لبارئها، وقد حاولت إدارة الخدمة الالزامية مستميتة بقيادة كمال حسن علي (سفير السودان بمصر حالياً) بعدم تشريح جثمان الشهيد غسان واعتباره شهيداً بكامله المخصصات الحكومية..!!!.
لكن الأسرة رفضت ذلك العرض..!!!.

ونسبة لعلاقتي بأسرة الشهيد غسان (ابن شقيق زوجتي) استلمت نسخة مصورة من تقرير المشرحة والموقع عليه الدكتور عقيل سوار، و يفهم من التقرير أن الفقيد غسان تعرض لضرب مبرح في كل أجزاء جسمه وخاصة في الوجه، فقمت بتسليم هذا الاسحاق نسخة من التقرير الطبي باعتباره أحد أبرز كتاب الحكومة لكن لم يفتح الله عليه بكلمة حتى هذه اللحظة، وفي تلك الفترة نشرت صحيفة (الأيام) خبر الفقيد فتم مصادرة الصحيفة من المطبعة، أما هذا الاسحاق لو مات كل الشعب السوداني قتلاً برصاص جهاز الأمن والجيش السوداني لاستمر يكتب عن ياسر عرمان والحلو ومالك عقار لا تهمه الدماء التي تراق بين جنبات دولة (الاسلام) الفتية..!!.
هذا الاسحاق عدو نفسه… وعدو الانسانية.

يمكن الاتصال بكاتب المقال على [email protected]

Leave a Reply

Your email address will not be published.